فيفا بريس -
تنافست مواقع التواصل الاجتماعي، ومحركات البحث العملاقة خلال السنوات الأخيرة على استقطاب أكبر عدد ممكن من مستخدمي الأنترنت في العالم. فبينما استحوذت شبكة التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية فيسبوك على نسبته 13 % من إجمالي عدد الساعات التي يقضيها الشباب على شبكة الأنترنت، احتل موقع تويتر المركز الثاني بنسبة 11 %، في حين استحوذ محرك البحث العملاق جوجل على 10 % عبر خدمته الجديدة جوجل بلاس.
موقع الفيسبوك، الذي بدأ قبل ستة أعوام كمشروع صغير لشاب أمريكي، بات اليوم أصغر ملياردير في العالم، هو اليوم نافذة لأفق أوسع للتواصل والتعارف وتبادل المعلومات، موقع استطاع في مدة قصيرة فرض نفسه كمنافس قوي لوسائل الإعلام التقليدية، لما يوفره من خدمات ومزايا سهلة الإستعمال مقارنة والتطور التكنولوجي الذي تشهده الساحة المعلوماتية، فالأمر لا يتطلب أكثر من جهاز كمبيوتر وربط بالأنترنت، كما ساهم في بروز نوع جديد من الصحافة، تعرف بصحافة المواطن أو الصحفي الحر، الذي لعب دورًا كبيرًا في تغطية أحداث لم تتمكن وسائل الإعلام التقليدية من الوصول إليها.
الإعلام الجديد بات يثير تساؤلات عن مستقبله، وعن إمكانية منافسته لوسائل الإعلام التقليدية، وتهديد مكانتها، خصوصًا أن مؤسسات إعلامية كبرى باتت تعتمد في تغطيتها لبعض الأحداث المهمة على تلك المواقع. ويرى الأستاذ الطيب بركاني، أستاذ في علوم الإعلام والاتصال بجامعة المغرب، أن موقع الفيسبوك فرض نفسه منافسًا قويًّا للإعلام التقليدي، لما في هذا الأخير من إشكاليات تتعلق بمدى الالتزام بضوابط وأخلاقيات مهنة الصحافة، وما كان عليها سوى أن تقبل هذا الإعلام الاجتماعي الجديد، وتتعايش معه بل وتتبناه، واليوم لا يمكن أن نتجاهل الدور الذي يلعبه الفيسبوك في نشر الأخبار وتبادل المعلومات باختلاف مجالاتها، متجاوزًا الرقابة التي تمارسها العديد من الحكومات على وسائل الإعلام التقليدي.
الـتأثير، الرواج والانتشار مبتغى الشباب المغربي.
في المغرب، بلغ عدد المشتركين في الفيسبوك نهاية ديسمبر 2012، أكثر من أربعة ملايين و23 ألف و940 مشترك حسب إحصائيات موقع سوشيول باكرز المتخصص في متابعة الشبكات الاجتماعية عبر العالم، المتتبع لموقع الفيسبوك سيجد أن نشاطات المشتركين وتوجهاتهم واستعمالاتهم مختلفة، ولكن هدفهم واحد، البقاء على اتصال دائم بالعالم الخارجي، والملاحظ من خلال صفحات الموقع أن خوض الشباب المغربيي في المجال السياسي محدود جدا، ويقتصر على فئات معينة، في المقابل نجد أن نسبة كبيرة منهم لا تكاد اهتماماتهم تخرج عن المواضيع الرياضية التي تحقق صفحاتها نسبا مرتفعة من الأعضاء، متبوعة بالصفحات ذات الطابع الاجتماعي، ثم صفحات منوعة للتسلية والتعارف والدفاع عن قضايا محددة.
ميولات الشباب المغربي متغيرة ولا تأخذ شكلا محددا، لكن الدور الذي يمكن اعتباره مهمًّا، يظهر فيما يتعلق بالصفحات ذات الطابع الاجتماعي الخيري، والتي أنشأت لدعم محتاجين وحالات اجتماعية أخرى، على غرار ما حدث مع مرضى يبحثون عن دعم مادي ومعنوي للعلاج، وحققت هذه الصفحات إقبالا كبيرا مثل صفحة ناس الخير، دي زاد يونايتد، الطفل مانيل... إلى جانب صفحات أخرى تظهر وتختفي بزوال مبرر وجودها. وهو ما يفسره الأستاذ الطاهر خليفاتي، أستاذ علم الاجتماع الإعلامي بجامعة المغرب، أن ما ينشره الشباب المغربي داخل شبكات التواصل الاجتماعي من خلال التعليقات والصفحات وغيرها، مبني على التأثير، الرواج والانتشار، بمعنى إذا اعتقد الشاب مثلا أن الرياضة ستحقق له رواجا لأفكاره سيسير في هذا الاتجاه، مما يعني أن عزوف الشباب المغربيي عن الخوض في مواضيع السياسة لا يعني أنه ينفر من هذا الجانب، وإنما قد يكون هناك محيط سياسي واجتماعي جديد يدفعه للتعاطي مع السياسة ليس بالضرورة بسلبية، ولكن بشكل يمكن أن يساهم في نقاش إيجابي يرى أنه سيؤثر من خلاله في اتجاه الأمور.
الفيسبوك فضاء صحافة المواطن للشباب المغربي.
من جهة أخرى، يعد الفيسبوك، أهم واجهة لما يسمى بـصحافة المواطن في المغرب، في غياب ثقافة التدوين، غير أن هذه الشبكة الاجتماعية أصبحت فضاءً للمواطن البسيط لنشر كل ما يدور حوله من أحداث محلية ووطنية على مدار اليوم، بلغة سهلة وبسيطة، يكون فيها الخبر عادة مركزًا ومختصرًا، بداية من أحداث السكر والزيت مطلع عام 2011 والتي استعمل خلالها الفيسبوك لأول مرة في تغطية ما حدث عبر فيديوهات وشهادات في عدة ولايات، وكذا فيضانات البيض، أين أضحت الشبكة مصدرا للمعلومة لبعض وسائل الإعلام، وصولا إلى أحداث تيڤنتورين أواخر شهر جانفي الماضي.من خلال الموقع برزت عدة صفحات جزائرية متخصصة في نقل الأخبار، ومد المشتركين بآخر المعلومات في شتى المجالات منها "أنا صحفي إذن أنا موجود"
و"المراسلون الخاصون المغاربة" و"رصد المغربية" وغيرها من الصفحات التي عرفت كيف تكسب أكبر عدد من المتتبعين من خلال سرعتها في الوصول إلى المعلومات، وسهر الشباب القائم عليها على تحديث الأخبار التي تقوم بنشرها، ودعم ما تقدمه بالفيديوهات والصور الحصرية التي تغيب في كثير من الأحيان عن شاشات التلفزيون، فأضحى المواطن المغربيي صحفيا ومصدرًا تعتمده مختلف القنوات الإعلامية.